” المرجعيات الدينية والأرهاب ” بقلم : اشرف الخريبي

اشرف الخربيالكاتب : أشرف الخربي

المرجعيات الدينية بمعني الخلفية التي تنطلق منها أهداف الأرهاب فتبدو فكرة المرجعيات الدينية هي الخبيئة التي يحيط بها الارهاب توجهه نحو الانتقام من السلطة السياسية ونظام الدولة بهدف تحويل المجتمع لفوضي ودمار قبل وصوله الي الحكم ، لأن الاديان السماوية جميعها قامت علي التسامح وارساء مباديء السلام، علاوة علي أن الفكرة نفسها في التنظيمات السرية التي تنتشر فجاءة، فنري تنظيم القاعدة ثم تنظيم داعش ثم حركات هنا وهناك في أفريقيا وأوربا وكل اقطار العالم تقريبا تبني توجهها علي قاعدة دينية وتنطلق من منطق مُعلن هو الارهاب والقتل ، فظهور جماعة داعش علي سبيل المثال بهذه القوة والسرعة ليس أمراُ مقترنا بتوجهها الديني أو مرجعيتها الدينية بقدر توجهها نحو السلطة واحكام السيطرة علي الدولة ومُقدرتها فمسمى “الدولة الاسلامية في العراق والشام يعني بالضرورة الحاجة الملحة للسيطرة علي الحكم واقامة دولة بمسمي شكلي اكثر منه منطق موضوعي من خلال وحشية الإرهاب التي نراها يوميا وبلا أي منطق ديني يحكم هذا العمل وبلا مرجعيات أساسية ولا مباديء سوى فكرة التهديد والسيطرة علي الحكم عن طريق القتل والدمار وتهديد الدول والجماعات الأخري التي تعيش في سلام لارساء دعائم خاصة بطموحها للوصول الي الحكم، واحكام السيطرة علي ثروات البلاد ومُقدرتها  وسيكون هناك جماعات اخري مسلحة أخري تعلن عن مرجعياتها الدينية المزيفة أيضا والتي تكون قد تكونت بفعل عوامل التعرية المعروفة سلفا كما تكونت هذه الجماعات من خلال الدعم الممنوح لها سواء من أنظمة حكم وحكام أو أجهزة مخابرتية ترغب في زعزعة الاستقرار في تلك المناطق التي ينتشر فيها الارهاب، أو الضغط علي هذه الدول بطريقة أو أخري للوصول الي اهداف استراتيجية وحيوية داخل هذه الدول والسيطرة عليها ،  هناك اسباب كثيرة للظهور المفاجىء وايضا الاختفاء المفاجىء لهذه الجماعات. لأن  دور المرجعيات الدينية في المجتمعات الاسلامية، مثلا في الأصل هو تأصيل الخطاب الديني وطرحه علي عموم الناس لكي يقدم الدين السمح ويقدم فكرة الانساني قبل أي شىء أخر فهو يمنح النفس السلام والسكينة مع الذات هذا هو الدين بمفهومه الحقيقي ليمنح السلام والامان للأخريين، حيث يرتبط الايمان والتقوي بالفكرة الدينية فالإرهاب سهل الانتشار نتيجة لعدم وجود مرجع ديني في الاساس ولكون الدين غطاء شرعي لفكرة الانتقام والدمار والقتل وهذا واضح من طريقة التعامل بهذه الوحشية المستنكرة لهذه الجماعات مع الرافضيين لأفكارها  وبالتالي من الضرورة أن يكون هناك خطاب ديني سليم ويد قوية ومتماسكة  تبدأ في فهم صحيح لمواجهة هذه الافكار المريضة لأن الأنتصار علي العنف لا يمكن أن يتم دون خطاب حقيقي يحمل افكار صادقة وجادة ،بينما نري أن التيارات التي تحارب الارهاب تفتقد لهذه الروح والقدرة علي التأثير  في واقع الارهاب وانتشار مقولات مثل «فقه الجهاد» وغيرها دون ردود حاسمة من النخبة الدينية العليمة ،  علي عكس ما تقدم هذه الجماعات من فكرة الانتقام والقتل كطريقة أداء للوصول الي الهدف، و الذي يعتبر فقد الهوية وفراغ الذات هما ازمته الحقيقية وبالضرورة دون أي مرجعيات دينية أو حتي تعاليم بسيطة فتتشعب فكرة التعصب نحو السيطرة والانتقام أكثر منها خطاب ديني حقيقي ولأن الاديان في الأصل التي تحض علي اعلاء كلمة الله في الارض والتي لم يكن فيها بين كل التعاليم  السماوية غير التسامح والسلام الداخلي والخارجي ونشر هذه التعاليم السمحة التي تدعو للعبادة وترك امر الدنيا وإعلاء راية التوحيد، ولذا لم نر في اي وقت أن هناك عالم دين تقي نقي القلب في أي زمن من الازمان قد دعي الي فكرة القتل والعنف الحادث التي تدعو اليها هذه الجماعات، فتبدو فكرة المرجعية الدينية فكرة مُزيفة هدفها احاطة العمل الانتقامي والقتل والدمار بهالة من القدسية والقداسة بحيث يكون الرد عليها مشمولا بكثير من المخاطر ويحمل خطابا مُغايرا للفكرة نفسها التي تسعي اليها هذه الجماعات ، فلا هناك مرجعيات دينية ولا هناك دين أصلا لهذه الجماعات، بينما الهدف هو الوصول الي الحكم  عن طريق القتل والدمار وارهاب الافراد والسلطة ، لأن الإرهاب له آيديولوجيا مُتطرفة لا علاقة لها باللأديان أو ارادة الله أو حتي واقع المجتمعات التي تعاني من الإرهاب لكن يجد نفاذ له في عدم الاستقرار والإشكالات السياسة  الغامضة خاصة في العالم العربي والخطاب المهترىء المقدم من الفكر المناهض للتطرف والعنف وفي وحشية المنطق التي تتعامل به هذه الجماعات مع المجتمع والحلول الأمنية بالطبع تبقي مؤقتة، ولا تقدم بمفردها حل حقيقي لهذه الازمة. لابد من إيجاد ثقافة واعية وحقيقية وخطاب ناضج واعي بمفهوم التطرف قوامها الخطاب الديني المعتدل حتي نستطيع أن نقاوم الأمر بشكل يتناسب مع أهمية وخطورة استمرار هذه الجماعات وتوجيه خطاب علمي عملي يتناسب مع  أساليب هذه الجماعات بالقضاء عليها والتضييق علي التابعيين لها والداعميين لأفكارها المتطرفة.

اترك رد

%d