الأسرة والمجتمع رؤية نقدية     

       

د/ خالد عبدالرحمن ياسين أحمد 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رحمة الله للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

إنَّ سلامة المجتمع وقوة بنيانه ومدى تقدمه وازدهاره مرتبط بسلامة أفراده، فالفرد داخل المجتمع هو صانع المستقبل وهو المحور والمركز والهدف والغاية المنشودة، أما ما حول هذا الفرد من إنجازات ليست أكثر من تقدير لمدى فعالية هذا الفرد، ولهذا فإنَّ المجتمع الواعي هو الذي يضع نُصْب عينيه قبل اهتماماته بالإنجازات والمشاريع المادية اهتماماته بالفرد كأساس لازدهاره وتقدمه.

والأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، والمؤسسة الاجتماعية الأولى التي ينمو فيها الطفل وتتشكل من خلالها سلوكياته، وتعتبر مرحلة الطفولة من أهم مراحل النمو لدى الفرد، إذ تعتبر الأساس الذي تبنى عليه شخصيته من خلال تأثيرها على كل المراحل  اللاحقة من حياته، وإذا كان هذا البناء سليمًا يمكن للفرد أن يتوافق مع متطلبات الحياة الاجتماعية التفاعلية بمختلف عناصرها.

وتعد الأسرة شيء مهم للفرد، والدور الرئيس للأسرة هو الحب والرعاية للأبناء  ومساعدتهم  في أوقات الحاجة، وفي الوقت الحاضر يمكن اعتبار الأسرة عامل مهم جدًا في حياة الناس، والأسرة يمكن أنْ يُنْظَر إليها على أنَّها قلب وروح البشر.

ويجادل الكثيرون بأنَّ الأسرة الحديثة مؤسسة عفا عليها الزمن، حيث إنَّ زوالها ليس سوى مسألة وقت، وبالنظر إلى مستقبل الأسرة يقول أحد علماء الاجتماع: إنَّه على الرغم من ضعفها ومحاصرتها، فإنَّ الأسرة ستبقى مؤسسة اجتماعية أساسية، ولقد كانت مهد النظام الاجتماعي الحديث، وستبقى الأساس لأي مجتمع يهتم بالسعادة والحرية والمساواة والازدهار لجميع أعضائه. 

وتُعدّ الأسرة أحد النظم الاجتماعية الأساسية وأقدمها منذ وجود البشرية، وهي موجودة في كل المجتمعات الإنسانية في العالم وعبر التاريخ، فلا يخلو منها أي مجتمع، فهي نواته التي تعكس تصرفاته، كما أنَّها جماعة متماسكة تستجيب للأحداث بطريقة تختلف عن أية جماعة أخرى، ويستجيب الفرد بدوره وفقًا لتنشئته الأسرية، ذلك لأنَّ الأسرة هي الوحدة البيولوجية والنفسية والمعرفية والاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الفرد، ويتفاعل مع أعضائها، وفيها تبرز أولى معالم شخصيته في سنواته الأولى المبكرة.

وحتى يكون الفرد عضوًا بارزًا في تحقيق تقدم ورقي المجتمع لابد من الاهتمام بتنشئته على الفكر الصحيح من الانحرافات؛ والقائم على كتاب الله وسنة رسوله  ومنهج السلف الصالح المعتدل البعيد عن الانحرافات الفكرية الهدامة، ويرجع ذلك لأهميته في تشكيل شخصية الفرد الصالح الفعال في المجتمع لا فردًا عاجزًا، فالتنشئة على الفكر الصحيح إذًا من أدق العمليات وأخطرها شأنًا في حياة الفرد لأنها الدعامة الأولى التي ترتكز عليها مقومات شخصيته.

وتنشئة الأبناء على الفكر الصحيح يبدأ بالتفكير الناقد وإعمال العقل، ويمتد ليشمل التوسع في فرص التنمية وإتاحة فرص الاندماج المجتمعي بهدف القضاء على الانحراف الفكري وذرائع الاستقطاب، مع إعلاء قيمة العمل والمشاركة المجتمعية، وتعزيز اجتماع الكلمة ووحدة الصف، والحفاظ على هوية المجتمع حتى يصبح كالبنيان المرصوص، وبهذا يتحقق الفكر الصحيح للمجتمع.

اترك رد

%d