“الأسود لا يتركون عرش الغابة” بقلم: على الحلواني

على                 

فى العهد القديم، كانت الغابة يحكمها “الديناصورات” نظراً لضخامة أجسامهم التى كانت ترهب كافة حيوانات، ظلت الديناصورات تحكم وتتحكم فى الغابة أسرة تخلف أسرة، كان كبير الديناصورات يعطى من يشاء أى قطعة من الغابة ليحكمها تحت راية ” الديناصور الأكبر” يتصرف فيها كيف يشاء، يجمع من أفرادها طعامه عنوة، يجعل سكان الغابة المستضعفين يعملون على خدمته وخدمة أفراد أسرته، يكدحون فى الغابة طوال اليوم ليجمعوا ما يتمنى “الديناصور الأكبر” من طعام، يتغذى عليه ويترك ما تبقى إن بقى شئ لهم، ظل هذا الوضع قرون عدة ديناصور يخلف آخر، وحيوانات الغابة فى ذلهم يقبعون.

نمى إلى بعض الأسود التى كانت أداة من أدوات الديناصورات لإرهاب حيونات الغابة لما تتمتع به من قوة ومهارة ومكر ودهاء، إلى جانب زئيرهم الذى يرهب الكثيرين، أن يكونوا تنظيم سرى داخل الغابة يتمكنوا من خلاله أن يكسبوا حب أسود غيرهم داخل الغابة على إمتدادها طولاً وعرضاً، وحتى يتمكنوا من خلال هذه العُصبة أن يقضوا على “الديناصور الأكبر” وحاشيته، دبروا تدبيرهم ونجحوا فى طرد “الديناصور الأكبر” من الغابة نهائياً واستولوا على كل شئ فيها، وما لبس أن جمع حولهم جميع حيوانات الغابة بإعتباره حدثاً فريداً لم يحدث قبل ذلك، فلم تنجح جميع الحركات التى قام بها سابقى الأسود لإسقاط الديناصورات وتكوين “الغابة الجديدة”، التى تقوم على التعاون بين جميع الحيوانات، وأن تعيش القرود بجانب التماسيح والنمور إلى جانب الحمار الوحشى، الغابة التى يرقد فيها الثعبان بجانب بيض النعام دون أن يلتهمه.

 

ظلت هذه الحالة الفريدة فترة قصيرة من الزمن، بنى خلالها “الأسد الأعظم” أماكن لحفظ الطعام، كون جيشاً كبيراً من حيوانات الغابة “القرود بجانب الزرافات، والنسور تحلق فى السماء بجانب اليمامات”، الكل جنب إلى جنب صفاً واحداً، ظل فى تلك الفترة القصيرة جميع أفراد الغابة فى نشاطهم ودأبهم، بنى خلالها “الأسد الأعظم” سور كبير حول الغابة ليحمى شعب الغابة من هجمات الديناصورات التى ظلت فترة من الزمن، جعل به بعض الفتحات الصغيرة ليمر منها الماء أثناء الأمطار وحتى لا تغرق الغابة كما كان يحدث فى زمن الديناصورات، وليستخدموا هذه المياة فى الشرب فى زراعة الحبوب حتى لا يطلبوا أو يمدوا أيديهم .

 

مات “الأسد الأعظم” وتولى خلفه أسد آخر من الذين قاموا معه بالثورة على الديناصورات، أصيبت الغابة ببعض الإضطرابات، البعض رفض الأسد الجديد رغم أنه كان يعمل على إستعادة بعض ما فقد فى نهاية عهد “الأسد الأعظم” ومنها قطعة من الغابة كان قد إستولى عليها مجموعة من الفئران.

 

نجح الاسد الجديد فى نهاية عهده أن يسترجع هذه القطعة بعد حرب شرسة راح ضحيتها عدد كبير من سكان الغابة، ثم بإتفاقية مع الفئران اتفقا فيها على أن يترك الفئران ما إغتصبته من أرض الغابة وأن يعودوا إلى حدود ما قبل الإستيلاء، وأن يعيشا معا فى سلام أبدى.

 

أغتيل الأسد الثانى فى قبيلة الأسود الحاكمة على يد مجموعة من المعترضين على إتفاقيته مع الفئران، وتولى خلفه نائبه أسد ثالث من قبيلة الأسود، فى بداية عهده بالغابة كان إلى جانب شعب الغابة، يأكل مما يأكلون، يلبس مثلهم، أحبوه حتى برزت زوجته على الساحة ثم ظهر له شبلان، إهتم الأكبر بالشؤون الإقتصادية، وإهتم الآخر بأن يحل محل أبيه فى حكم “الغابة الجديدة”.

 

فى مجتمع الأسود ينام الأسد وتخرج زوجته للإصتياد، يتزوج الآسد أكثر من زوجه، وتكون مهمته جلب مزيد من الأشبال، إلى أن يكبر ويأتى أسد شاب يأخذ مكانه ويطرده خارج محيطه .

 

كان الأب قد بلغ من العمر الكثير، وأخذ الدهر من صحته، فعملت زوجته على أن يستتب الوضع لإبنها ليخلف والده المتهالك الذى لم يعد له من العمر الكثير، بعد أن جلس على عرش الغابة أكثر من ربع قرن، أخذ هذا الشبل فى جمع أصدقائه وقلّدهم المناصب حتى يتمكن من مقاليد الأمور، وحتى يكون عصبة فى المستقبل تحميه، كل الإجراءات التى إتخذها الشبل من أجل إنجاح مخططته للجلوس على عرش الغابة زادت شعب الغابة بؤساً وفقراً وجوعاً، كما زادتهم سخطاً على الأسد والشبل وزوجته وحاشية الشبل.

 

– تجمعت القرود والسناجم والأرانب والأفيال والزرافات والحميرالوحشية وحشد كبير من سكان الغابة، فى وسط الغابة وبين الأشجار متسلحين بقوة الإتحاد فى مواجهة بطش الأسد وأبنه وأعوانهم، مطالبين بأن يرحل الأسد وأسرته وحاشيته خارج الغابة لما أحدثه من فساد حوّل الغابة الخضراء إلى صحراء جرداء.

 

– إجتمعت قيادات الغابة وقرر أن يسيروا مع مطالب سكان الغابة، رحل الأسد وعائلته، لم يكن أمامهم سوى الرضوخ إلى مطالب جماهير الغابة حتى لا تسوء صورتهم أمام من يضعون الثقة الكاملة فيهم وفى شرفهم المهنى الذى يشهد عليه الزمان، ولكن قيادات الغابة لم ينسوا أنهم ” أسود” وأن من ثار عليه شعب الغابة “أسد” منهم.

 

أختار شعب الغابة ملكاً جديداً للغابة هو “القرد ميمون” على إعتبار أنه الوحيد الذى كان يشاكس الأسد طوال فترة ملكه للغابة.

 

– لم تنس قيادات الغابة أن من ثار عليه شعب الغابة وطردوه وعائلته أسد من قبيلة الأسود، وغير موجود فى قانون الأسود أن يهان أحد أفراد القبيلة، ولا يُسمح بتولى قرد بسيط من الغابة “ملك الغابة”

 

 لم ينس الأسود أن لهم الفضل على الغابة وشعبها، بأنهم خلصوها من حكم الديناصورات، وأنهم من بنوا “الغابة الجديدة”، ولا يحق لأى فرد من شعب الغابة أن ينال “ملك الغابة” إلا إذا كان من فصيلة الأسود.

 

            لا يتذكر قادة الغابة أنهم قادة على قيادات مكون من سكان الغابة وأن كل سكان الغابة له أخ أو قريب أو صديق فى قيادات الغابة.

 

– ولابد أن نعى جميعاً أن الأسود لا يتركون عروشهم بسهولة.

 

اترك رد

%d