” مفقود ” بقلم : هبة عوض

مركب

على مدار خمس سنوات كنا حبيبين,نبكي حينا ونضحك حينا اخر,تطوينا الحياة مرة تحت جناحيها ومرة أخري تهجرنا وتتركنا في عراء الحب مشردين..
أحببت طفلة صغيرة ولكنها اكبر مني في عدد سنوات حياتها بعامين,أحببت تلك الأبتسامة في عينيها التي كانت تجعلني اهيم في الحب كمركب بلا شراع هائمة في البحر لا تعرف الى أين سوف تأخذها الأمواج..
لم اكن أعرف الى أي مدى سوف يأخذني حبها,والى أي مدي سوف تذهب بي تلك البريئة الساذجة الخالية من البؤس,والي اي مدى سيستمر عناد أمي التي تعارض بشدة ارتباطي بها,والى أي مدى سوف اصمد..
إنتهت علاقتنا وتحطمت تلك المركبة الهائمة في البحر فلم ينقذني التجديف بيدي ولم يحسن من الامر وقوفي في مهب الريح كشراع بديل,وفشلت كل محاولاتي لتغيير اتجاه المركبة من السير بعشوائية الي البر,حتي كان السقوط في البحر ومواجهة الموت هو مصيري المحتوم,وعجزت عن المقاومة وأستسلمت لتلك التنفسات الغير مجدية تحت الماء..
“قطعت علاقتي بحبيبتي تماما من أجلك يا أمي,من أجل أن ترضي عني وأكون إبن بار بك”
“بوركت يا ولدي نعم الأبن البار بأمه وصدقني لسوف أجد لك أفضل منها”
أحيانا الاستسلام للأمرالواقع هو طريقة لتغييره لذلك أمتثلت لرغبة أمي لعلها تندم وتمتثل هي بدورها لرغبتي ,ضحيت بحبي من أجلها لربما تكون هناك تضحية مقابلة لما قدمت ولكنني سقطت في البحر وبلعني بدون شفقة او رحمة او ندم..
“لا أستطيع تحمل قطيعة الرحم بينك وبين والدتك ,لا استطيع تحمل ذلك الذنب”
“ولا انا ايضا لن نبدأ حياتنا معا بارتكاب معصية,أعدك أنني سأظل أحبك..”
يا الله كيف لي أن أعرف ماهي المعصية من وجهة نظرك؟!
انا اريد الا اعصيك وانا سعيد بذلك وليس حزينا ونادما عليه وهل لاحدا ان يحزن لعدم معصيتك!..
تستمر نبضات قلبي في الخفقان وتستمر الدماء بالسريان في اوردتي ولكنني أتساءل هل أنا حي فعلا؟!
انني اكل وانام واعمل واتكلم وامشي واتحرك الا ان كل ذلك لا يشعرني بحياتي انا اشعر انني مفقود..اجل انا مفقود مني!
هل تعلم أمي أنني مفقود؟ ..بالطبع لا ومن سيخبرها بذلك..يخبرها قلبها ..قلبها!..حقا..ولكن هل لديها قلب؟!
وان يكن فهل تشعر بوجوده؟! او تشعر بوجودها اصلا ام هي مفقودة مثلي..!!
ليت احدهم يخبرني اين انا فمنذ أسقطت نفسي في ذلك البحر لم أجدني وحتي حطام المركبة لم يجدني لعله سقط معي او نجي وجذبه القمر الى الشاطئ.
حبيبتي لم يبقي منا سوي ذكريات,فالدموع جفت والألم انتهي والزمن مضي واني لاجدني الان في حلمي عندما اغط في نوم عميق بعد يوم شاق من العمل ومن الضحك المستعار مع أمي ..
حبيبتي ليتني أعتبرتك أمي..
قطع شرايينه بسكين حاد فهربت الدماء من أوردته وحضرت روحه المفقودة….
                                                                                                                                                                                                         

اترك رد

%d