” الأنفصال الاخير ” بقلم هبة عوض

هبة عوضهبة عوض
بقوة إستجمعتها بين قبضتي يديها الصغيرتين راحت تلقنني ضربات متوالية على صدري في دقائق توقف خلالها العالم عن العبث واضحي يهتم فقط بنا ويراقب تلك الفتاة المجهشة في البكاء وهي تقاتل هذا الرجل بداخلي لانقاذ ما تبقي من حبهما المستضعف في الأرض ..
كنا في منتصف الطريق الى منزلها كما كنا في منتصف علاقتنا التي عادت بعد انفصال دام عام ونصف العام كان هو الانفصال الثاني قبل الأخير ..
افرغت نوبة غضبها على جسدي وقبل أن يتدخل أحد بيننا من الواقفين حولنا أمسكت يديها وضممتها الى صدري المنهك منها وهدات من روعها واخبرتها أنني لن أتركها..
” انسي هذه الزيجة يا هادي فهي غير مناسبة لك بالمرة”كان هذا تعليق أختي الكبري إزاء عودتنا من عند اهل حبيبتي وكانها تخبرني بأنني لست قادرا على معرفة ماهو مناسب لي !..,ولم يكون ابي او أمي على خلاف معها في ذلك بل حرضهما رأيها الفظ بان يخبرانني أن أبحث عن عروس أخري مبررين ذلك بانه ليس هناك ما يميزها حتي يقبلون بها كما لم يكن اختياري لها ليس تميزا في حد ذاته!..
فقدت نفسي داخل هذا التجاهل التام لي وزاد الأمر سوءا معرفة أن والدها يراني فتى تافه ويري ابنته تستحق رجل افضل مني فعوملت بأحتقار جعلني أركن الى جانب عائلتي حتي إنفلتت الأمور من أيدينا وتشعبت الخلافات بيني وبينها وبين عائلتينا على نحو لم يبشر اننا سنكون معا …
عانت كثيرا في ذلك الوقت وعانيت معها الا أن ضعفي كبلني فلم أقوي على المواجهة ومحاولة الفوز بها تحت اي ظروف أو ربما كبلني صراخها الدائم حول أنني ضعيف الأرادة والشخصية وجبان وعنادها وميولها للسيطرة على افكاري حتي حطمت رغبتي بالحصول عليها وجعلتني اترك الأمر على ماهو عليه ..
“خذلني حبك مئات المرات في كل مرة كنت أموت وأحيى على سراب انك لن تتركني..”,كانت كلماتها الأخيرة تلك بمثابة الضربة القاضية  التي رمت بي بداخل بئر مظلم مات فيه صوتي وانتحرت فيه كل قواي التي تبقيني على قيد الحياة..
احتالت علينا أنفسنا فخسرنا بعضنا لم يزيدنا عنادنا واستيائنا الدائم الا شقاء وجفاء وألم ..
وجاء انفصالنا الاخير لطالما كان يراقبنا كاشبح مخيف حتي انقض علينا فلم نستطيع مقاومته ..
وسقطت يوما فاقدا وعيي ربما من شدة التفكير او هذا ما ظننته حتى اخبرنا الطبيب بعد الفحوصات أنني مريض بالقلب !..
فصعقا أمي وابي وأخوتي بينما استفبلت الأمر بكل هدوء واستسلام محدثا نفسي “هذا اقل ما استحقه من الحياة “
وظلت تلك الضربات على صدري هي ماتبقيني حيا حتي الأن..

اترك رد

%d