” لقد نفذ رصيدكم من الحياة ” بقلم هبة عوض

هبة عوض
“إمرآة واحدة لا تكفي” هكذا برر لنفسه الخيانة ثم اضاف” في النهاية هي طبيعة الرجل.. فمن حقه أن يتزوج أربعة نساء وأن يحب أكثر من واحدة أما المرأة فلا …”
ثم استكمل ارتداء ملابسه أمام نفسه دون خجل ودون أن يشعر بالذنب تجاهي !..,فلم يخطر بباله قط كيف أن الله ليس بظالم!..كما لم يخطر بباله أنني كنت اقرأ أفكاره في تلك اللحظة !!..
ناولته حذائه بعد تلميعه جيدا وسالته بصوت مشحون بالألم “متي ستعود”,كان واقفا أمام قرينه في المرآه يمشط شعره بأهتمام بالغ عن كل مرة “لا اعرف ربما بعد يومين او بعد اسبوع حسبما ينتهي العمل”..”الا يكفي انني سأختزل شهر العسل في اسبوع !!..
هل يتحدث الرجل بفمه وعقله في نفس الوقت!.. ولا مجال لقلبه ان ينطق بكلمة !.. لا أسمع سوي الصمت وصوت سقوط مرعب لجدار قديم تهاوي من كثرة شقوقه وضعف بنيانه ,لابد وأنه كابوس ساستيقظ منه لا محاله,خرجت من افكاري على غصة في حلقي كادت ان تودي بي لولا كوب من الماء البارد تناولته من يده “ما بك ..هل انتي بخير ؟” اخذ بيدي وساعدني على الجلوس وجلس بجانبي فنظرت إليه نظرة طفل يستعطف أمه الا ترحل وتتركه “هل انت قلق علي؟” أشاح بنظره عني وتلعثم قليلا “اجل بالتأكيد هل ..هل تريدينني أن ابقي بجانبك” ثم ثبت عينيه في عيني متحدثا الي نفسه”لا تقولي لي أن أبقي لا ارجوكي” في حين كنت أستعطفه أن يبقي كان هو يستعطفني أن يرحل ,كبلتني الأفكار في رأسه وأخذته مني عنوة فقمت واستجمعت ماتبقي مني منه لأرتب له حقيبة سفره المشؤوم ,”لا..لا داعي لأن تبقي.. اذهب في رعاية الله ” قلتها وانا أحتضن حزني وضعفي بعيدا عنه.
“مابها تبدو حزينة جدا, هل يمكن ان تكون قد عرفت!!..”,كان يلبس حذائه وهو يترقبني, فصمتي وشحوبي جعلانه يرتاب ويشك في معرفتي بأمر زواجه !..هممت بغلق حقيبته واعطائها له وأحتضنته بشده وأنا دموعي تكاد تفضحني وتكشف من أمري له, فخرجت أفكاره مرة أخري لتعطني الطعنة الأخيرة في قلبي,”عفوا حبيبتي لقد نفذ رصيدك من الحب لدي ..سأعيش معك فقط من أجل الأولاد!!.
تركني هو وافكاره ومضي ولم اعرف ان كنت ما زلت حية ام قتلتني تلك الطعنة !..,وبدأت اتساءل في نفسي منذ متي بدأت قراءة الافكار ؟..,هل منذ قرأت تلك الرسالة الغرامية على هاتفه ؟!..,أم منذ تناقشنا في أمر الزواج من اربع وقال أنه يحق له ذلك وأنني لا يحق لي أن اعترض على شرع الله ؟!..,والسؤال الذي كان أكثر حيرة هو منذ متي نفذ رصيدي في حبه لي؟..,هل منذ أنجبنا طفلتينا التوأم وإنشغالي معظم الوقت بهما ؟!..,أم منذ خرجت للعمل بوظيفة تعيينا على المعيشة معا ؟!.. هل علي تقبل الأمر ؟!..لا لا يبدو الامر عادلا لا يبدو كذلك على الاطلاق..
اخرجت هاتفها وسجلت رسالة بصوتها ليسمعها زوجها عندما يتصل بها ثم أطفأته ووضعته داخل الدرج ورفعت سماعة الهاتف المنزلي وطلبت صديقتها منى..”منى متي ستقلع طائرتك؟” قالتها بصوت حزين.
 “غدا صباحا”ردت صديقتها ..,”حسنا هل مازلت تملكين التذاكر التي قلتي عليها ” ..,”لا تقولي انك ستأتين حسنا انهم معي هل ستأتي بالطفلتان ؟”
“نعم سوف نأتي”.,قالتها بأبتسامة سجين بريئ تمكن أخيرا من الهرب ,قالتها وهي تتخيل الحياة الاخري التي ستبدأها بعيدا عن تلك المتاعب والمشاكل والاسئلة بعيدا عن الأفكار ..
وفي غرفة عبقة برائحة الزهور كان زوجها في الفراش يمتص رائحة زهرة أخري ,ومضت تلك الليلة ومضت معها حياته السابقة دون ان يعلم ,وفي الصباح إستيقظ على كابوس مزعج فقام من مرقده واخذ هاتفه وطلب رقم زوجته فسمع رسالة صوتية منها تقول “عفوا لقد نفذ رصيدكم من هذة الحياة “.

اترك رد

%d