أم الدنيا .. مصر للشاعر السوري : خليل عوير

خليل غويره
أمّاهُ عــــــدنــــــا بــــــعـــــــدَ طـــــــــــــولِ فـــــــــــــراقِ
يُـذكـي اشتيـاقـي فـــي لـقــاكِ عـنـاقـي
يــا مـصــرُ يـــا أُمَّ الـوجــودِ وحـضـنـهِ
يــــــــا مــلــتــقــى الأزمــــــــان والآفـــــــــاقِ
يـــا أيُّـهــا الـحُـضــنُ الـحـنــونُ بـدفـئــهِ
يــغــفــو الـحـنــيــنُ بــنــشــوةِ الـمـشــتــاقِ
ونــهــيــمُ بــالــذِّكــرى وفــــــي أحــلامــنــا
نـسـتـلــهــمُ الــتــاريـــخَ مــــــــن إغــــــــداقِ
إنّــــا جـمـيـعـاً مــــن حـنـانــك نـسـتـقــي
مـعـنــى الـرجـولــةِ والـشّـمــوخِ الــرّاقـــي
آتٍ لأولَـــــــدَ فـــيــــك بـــعــــد تــــشــــرُّدي
وأجــــــــدِّدُ الــعـــهـــدَ الــقـــديـــمَ الـــبـــاقـــي
جــنـــحـــي كــســـيـــرٌ والــــفــــؤادُ مُـــتـــيَّـــمٌ
تــعِــبٌ .. ولــكـــنْ لــيـــس كـالـعـشــاقِ
يحلـو لـهُ مـرُّ الـعـذابِ مــعَ الضَّـنـى
وألـــــــذُّهُ مـــــــا فـــــــي هـــــــواكِ يــــلاقــــي
فــأنـــا أعــانـــي فُــرقـــةً فـــــي غـربــتــي
أحـــيــــا الــــفــــراقَ وراءَ كــــــــلِّ فــــــــراقِ
قدْ عشتُ في وطني الكبيرِ مشـرداً
ومــكــبَّــلاً .. هــــــلّا حــلــلــتِ وثـــاقـــي
يا موطـنَ الأحـرارِ يـا وطـنَ النُّهـى
والــــحــــرفِ والــتَّــشــريـــعِ والإحــــقـــــاقِ
آتٍ لأشــكــو فــيــكِ حــــالَ عـروبـتــي
بــتــنـــاغـــمِ الـــــوجــــــدانِ والأخـــــــــــلاقِ
الـــشّــــام تـــنــــزفُ والـــعــــراقُ مــفـــتَّـــتٌ
والــقـــدسُ بــيـــن الأســـــرِ والإحــــــراقِ
والـمــغــرب الـعــربــيُّ جــــــرحٌ نــــــازفٌ
وأرى الــخــلــيــجَ يــــنـــــوءُ بــــالإرهـــــاقِ
والـثــورةُ الـعـظـمـى لـشـعـبـكِ جــــدَّدت
آمـــــال شــعـــبِ الــعُـــرب بــالإعــتــاقِ
يـــــا حــافـــظَ ابـراهــيــمَ عــــــذراً إنَّـــنـــي
أسـتــلــهــمُ الـمــعــنــى مـــــــن الـمــيــثــاقِ
يــا شـاعـرَ الشُّـعـراءِ رغـــم شـعـورِهـم
يـــــــــا مـــلـــهـــمَ الأمـــــــــراءِ والـــعـــشّــــاقِ
يـــــا رابـــــعَ الأهـــــرامِ مــثـــلَ قــصــيــدةٍ
عـصـمـاءَ يـشـدوهـا الـزَّمــانُ الـبـاقــي
آتٍ وحــبــكَ فــــاضَ بــيــن جـوانـحــي
لـلـشَّـعــبِ هــــــذا الــطّــيــبِ الأعــــــراقِ
إنــي بمـصـرَ وجــدتُ خـيـرَ شمـائـلٍ
كــــــــرمَ الــمُــضــيــفِ وأنــــبــــلَ الأذواقِ
مــــنْ بـــــدْوِ سـيــنــاءَ الــكـــرامِ ونـبـلـهــم
لاقـيــتُ مـــا لــيــسَ الـغـريــبُ يــلاقــي
وازددْتُ مــن أهــلِ الصَّـعـيـدِ تـشـرُّفـاً
بــــرِأتْ بـــــهِ نـفــســي مـــــنَ الإخــفـــاقِ
قِــبــلــي وبـــحــــري حـيــثُــمــا ألـفـيـتــنــي
ألــفــيــتُ فــيــهــا ثــــــمَّ بـــعـــضُ رفــــــاقِ
والــنــيــلُ يــجــتــازُ الـــحـــدودَ مـــوحِّــــداً
روح الــشُّــعــوبِ بـحــكــمــةِ الـــخــــلّاقِ
يـسـقـي عــلــى مــــرِّ الــدُّهــور بـمـائــهِ
عطْشى الحياةِ .. فيا له من ساقِ
ويسوقُ من أقصى البـلادِ خصوبـةً
يُـغـنــي بــهــا مــــنْ خِـشـيــةِ الإمــــلاقِ
مــلأَ البـحـارَ مــن الـمـدادِ ولـــم يـــزلْ
يَــهـــدي بـــهـــا الأفـــكـــارَ كـــالإشـــراقِ
فـإذا المنابِـتُ ” كرنـكٌ ” فـي أُقصُـر
مـن حكمـةٍ تعصـى علـى الإطــلاقِ
وبـــدا أبـــو الــهــولِ الـعـظـيـمِ مـفـاخــراً
بــعـــجـــائـــبِ الـــبـــنـــيـــانِ والأنــــــفــــــاقِ
ويُــري مـــنَ الـهــرمِ الكـبـيـرِ عجـائـبـاً
أســمـــى مـــــن الـتـفـسـيـرِ والإنـــطـــاقِ
ومـــــنَ الـمــنــارةِ شــــــعَّ نــــــورٌ بـــاهـــرٌ
مــــلأ الــدنــى واجــتــازَ فــــي الآفـــــاقِ
يا مصرُ يا مصرَ العروبةِ والمدى
يــــــا مـــوطـــن الإنـــســـانِ والأشــــــواقِ
هــــذي الـمـبـانـي والـمــدائــنُ شــادهـــا
أحـــــرارُكِ الأمــجـــادُ فـــــي الأحـــــداقِ
ومـضــى الــزّمــانُ ولا يــــزالُ بـقـاؤهــا
رمـــــزَ الـتَّــوحُّــدِ رغـــــمَ كــــــلِّ شـــقـــاقِ
وبقـيـتِ فــي زمــنِ الصـعـابِ جلـيـلـةً
دانـــــتْ لــــــكِ الــدُّنــيــا بــغــيــرِ نـــفـــاقِ

اترك رد

%d