” اللغة العربية أمنا وأمانا ” بقلم : الدكتور سليمان عوض

يطل عليينا الشهر الأخير من العام وفى نصفه الأخير لنتذكر لغتنا الجميلة نزورها بكلماتنا كما نزور الموتى فى قبورهم نتذكر محاسنهم ثم ننصرف الى أمورنا .
كونى طبيب تعلمت قبل أن أصف العلة لابد من معرفة أسبابها وكيف تطور المرض حتى ننتقل الى وصف العلة والبحث لها عن علاج .
ربما نتفق على أن اللغة أى لغة قادرة على توصيل المراد من المتكلم لعقل المتلقى ونقل الأحاسيس المختلفة، ولا أظن أن هناك لغة من اللغات عاجزة عن فعل ذلك.
ولكن اللغة العربية لدينا تصبح أمنا وأمانا، فهى الوحيدة القادرة على توحيد المساحة الجغرافية من المحيط الى الخليج.
السؤال إذن لماذا تسود لغة وتمرض أو تموت أخرى .
اللغة، لغة مجموعة من الناس، ترقى برقيهم وتمرض بمرضهم وتموت بموتهم، وهنا لا أقصد المعنى الحرفى للعلة أو الموت للبشر ولكنه موت الإبداع وموت الخلق والأبتكار .
لغة الشعوب ترقى برقيهم وتمرض بهزيمتهم .
كانت العربية لغة العالم الأولى عندما ساد العرب، واندحرت لغات المنهزمين أمام العلم العربى والقوة العربية وعندما جاء الترك وانهزم العرب أصبحت المروءة مرفت والعفة عفت والوالى أصبح خديوى وأصبحت العمامة طربوش ونعم أصبحت إيفيت ؟
عندما تغلب الفرنسيون بعلمهم وقوتهم أصبح الشكر ميغسى والأسف بردون والفتاة مودموازيل والزوجة مدام .
وعندما انتقل العلم والقوة للناطقين بالإنجليزية أصبحت محادثاتنا شات وتعليقاتنا كومنتات . وإذا ظل الحال على مانحن فيه فستصير العربية كلغة الكهنة، مكانها فى المساجد لا يكاد المتلقى أن يفهم منها الا مايتم شرحه بلغة الغالب كما حدث فى المغرب العربى .
مهما لطمنا الخدود وشققنا الجيوب وانتفض نفر منا، ستكون صيحاتنا فى صحراء جرداء لا انس فيها .
لا أدعو للتشاؤم ولكنى أصف الداء وأقترح الدواء .
لو كنا جادين فى الحفاظ على العربية فهناك إجراءات عاجلة وأخرى بحكم الممكن آجلة.
العاجل يا سادتى أن يكون هناك إرادة فوقية للرجوع للعربية من خلال الإعلام وأهل الفن والتعليم وقد يأتى المثقفون فى الترتيب المتأخر كونهم لا يمثلون القوة العظمى فى التأثير .
أما الآجل فهو العلم والقوة والنفوذ فإذا امتلكهم العرب فسوف تسود اللغة فى بلاد قد لا تكون ناطقة بها الآن .
وأخيرا أدعوكم ما ستطعتم لامتلاك العلم والقوة والنفوذ بدلا من الحسرة ولطم الخدود .
.

اترك رد

%d