أنطلاق مؤتمر التنمية الثقافية المستدامة و بناء الإنسان بالقاهرة

متابعة : عبدالناصر الدشناوى

أطلق المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور سعيد المصرى، صباح اليوم الأحد، المؤتمر الدولى الذى حمل عنوان “التنمية الثقافية المستدامة وبناء الإنسان”، الذى يشارك بفعالياته ما يصل إلى 100 من الأكاديمين والباحثين الذين يمثلون غالبية دول الوطن العربى، وذلك تحت رعاية  الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة. 

افتتحت فعاليات المؤتمر بكلمة الدكتور سعيد المصرى الأمين العام للمجلس، الذى جاءت كلمته على النحو التالى: “أتوجه إليكم جميعا بخالص التحية والترحيب بوجودكم معنا فى هذا اليوم ونحن نشترك معا فى إطلاق فعاليات أول مؤتمر كبير هذا العام داخل المجلس الأعلى للثقافة حول التنمية الثقافية المستدامة وبناء والإنسان تحت رعاية معالى وزيرة الثقافة الاستاذة الدكتورة إيناس عبد الدايم، حيث يأتى عقد هذا المؤتمر فى وقت تسعى فيه الحكومة المصرية ووزارة الثقافة الى تحقيق أهداف استراتيجية مصر 2030 فى التنمية المستدامة وتفعيل برامج العمل لبناء الانسان. وكان لزاما علينا فى المجلس الأعلى للثقافة ، ونحن نتجه الى العمل فى مجال تطوير ومتابعة السياسات الثقافية، أن ندعو كافة المثقفين والباحثين والعلماء والكتاب فى العلوم الاجتماعية والإنسانية إلى دائرة حوار كبيرة حول أولويات عمل الحكومة بشكل عام ووزارة الثقافة بصفة خاصة نحو قضايا التنمية الثقافية وبناء الانسان. وأن يكون المجلس الأعلى للثقافة وعاء فكر لتبادل الرأى والحوار وانتاج الأفكار التى يمكن أن تساهم فى تحقيق التنمية بصفة وعامة والتنمية الثقافية بصفة خاصة.”
ثم تابع حديثه قائلًا: “كما تعلمون فإن التنمية المستدامة عملية مستمرة من التطوير الهادف للارتقاء بالحياة الإنسانية بصورة عادلة ومتوازنة. وتشير تجارب التنمية الى جهود دولية فارقة فى جعل الثقافة جزء لايتجزأ من التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية من ناحية ووضع الإنسان على قمة أولويات التنمية المستدامة من ناحية أخرى. وقد ترتب على ذلك تزايد الاعتراف العالمى بأهمية العلاقة الوثيقة بين الثقافة والتنمية المستدامة فى بناء البشر .
وفى هذا الصدد يسعى المؤتمر إلى إثارة كثير من الأسئلة للحوار من قبيل : ماذا تعنى التنمية الثقافية ؟ وماذا تعنى الاستدامة من الناحية الثقافية؟ وما طبيعة الدور الذى يمكن أن تلعبه الثقافة فى تحقيق التنمية المستدامة؟ وما المقصود ببناء الإنسان فى ظل الجهود التنموية التى تستهدف بناء قدراته وإسعاده ؟ وما التحديات التى تواجه العمل التنموى بمقتضى الغاية نحو بناء الإنسان؟ وما العلاقة بين بناء الإنسان وإشكاليات بناء الهوية الوطنية ؟ وما العلاقة بين التراث وبناء الإنسان ؟ وكيف تستطيع التنمية الثقافية العمل على بناء البشر وإطلاق طاقاتهم الإبداعية؟ وإلى أى مدى تستطيع جهود التنمية العمل على بناء الإنسان على أسس التسامح والانفتاح بعيدا عن التعصب والتطرف الفكرى ؟ هذه الأسئلة وغيرها مطروحة للنقاش الجاد فى المؤتمر عبر جلساته المختلفة بهدف خلق حراك فكرى حول العلاقة بين التنمية الثقافية المستدامة وإشكاليات بناء الإنسان، ومن دواعى سرورنا أننا حين أطلقنا الدعوة للكتابة والمشاركة فى المؤتمر منذ شهر سبتمبر 2018 وهناك إقبال كبير على المشاركة من كافة التخصصات ومن مختلف الأعمار ومن الذكور والإناث ومن مختلف الجامعات والمؤسسات الثقافية داخل مصر وخارجها بما يربو على 350 طلب للمشاركة. وإن دل ذلك عن شئ فإنما يدل على أن موضوع المؤتمر يمثل هما مشتركا بيننا جميعا. وقد أسفرت اجتماعات اللجنة المنظمة للمؤتمر عن اختيار 92 مشاركا ، منهم 48 مشارك من مصر و44 مشارك من 16 دولة عربية. بالاضافة الى مشاركة 22 من أعلام الفكر والعلم والثقافة كرؤساء ومعقبين فى الجلسات البالغ عددها 23جلسة تعقد بالتوازى. ونأمل أن تسفر المناقشات الجادة عن أوراق بحثية وأوراق عمل وأوراق سياسات تنشر فى كتاب يصدر فى شهر مايو 2019.”
واسمحو لى أن أنتهز هذه الفرصة كى أتقدم لنا.”
ثم اختتم كلمته بالشكر الجزيل لمعالى الأستاذة الدكتورة أيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة بأسمى أيات الحب والتقدير والشكر العميق بالاصالة عنه ونيابة عن سائر أعضاء المجلس الأعلى للثقافة وأعضاء الشعب واللجان، وكل المشاركين بالمؤتمر واللجنة المنظمة للمؤتمر والعاملين بالمجلس بخالص التحية وعميق الشكرعلى دعمها الكبير للمجلس وما يقدمه من فاعاليات، كما قدم الدكتور سعيد المصرى شكره لدار الأوبرا المصرية ممثلة فى الاستاذ الدكتور مجدى صابر رئيس مجلس الإدارة على ضيافته الكريمة ودعمه المستمر، كما أكد أن الشكر موصول للجنة المنظمة للمؤتمر الذين بذلوا جهدا كبيرا فى كافة الترتيبات اللازمة لعقد المؤتمر ، ولكل فريق العمل بالمجلس الأعلى للثقافة الذين واصلو الليل بالنهار كى يخرج المؤتمر بالصورة الرائعة والمشرفة.

وزيرة الثقافة: نبذل أقصى جهد ممكن للحفاظ على التراث الثقافى المشترك وتعزيزه
وزيرة الثقافة: نعمل على تحقيق العدالة الثقافية بين كافة المواطنين بما يتجاوز الحدود كافة

أطلق المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور سعيد المصرى، صباح اليوم الأحد، المؤتمر الدولى الذى حمل عنوان “التنمية الثقافية المستدامة وبناء الإنسان”، الذى يشارك بفعالياته ما يصل إلى مئة من الأكاديمين والباحثين، الذين يمثلون غالبية دول الوطن العربى، وذلك تحت رعاية  الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة التى جاءت كلمتها خلال فعاليات افتتاح المؤتمر على النحو التالى:
“أعبر لكم جميعا عن خالص التهنئة بالعام الجديد، وأقدم أسمى آيات التحية والتقدير والاعتزاز بالمشاركة الكبيرة لنخبة من الباحثين والمفكرين والمثقفين المصريين والعرب والأفارقة فى المؤتمر الدولى الأول للتنمية الثقافية المستدامة وبناء والإنسان، هذا الحدث الثقافى والعلمى الكبير يمثل عنوانا رئيسيا لاهتمام وزارة الثقافة المصرية بتعزيز العلاقة بين الثقافة والتنمية المستدامة من منطلق برنامج الحكومة ووفقا للإطار العام لرؤية مصر 2030 . يأتى عقد هذا المؤتمر داخل المجلس الأعلى للثقافة فى وقت نسعى فيه جميعا إلى العمل الدؤوب لتحقيق الهدف الاستراتيجى الذى دعا إليه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى نحو بناء الإنسان باعتباره الغاية الأسمى لصناعة التقدم والرقى الحضارى.”

ثم تابعت قائلة: “وما سبق ذكره يعنى بناء مواطن قادر على الحياة الجيدة ومؤمنا بوطنه ومتمسكا بهويته الحضارية من خلال: قيم اجتماعية إيجابية، ومكافحة التطرف الفكرى ، والتمكين من الوصول الى اكتساب المعرفة ، و التفاعل مع معطيات العالم المعاصر ، وإدراك المواطن لتاريخه وتراثه الحضاري المصري، واكتساب القدرة على الاختيار الحر، وتأمين حق المواطنين جميعا فى ممارسة وانتاج الثقافة، ولتأكيد معنى المشاركة فى الحوار الثقافى حول هذه الغاية كان من المهم عقد هذا المؤتمر، باعتباره منصة فكرية لتبادل الرأى حول طبيعة وحدود الدور الذى يمكن أن تلعبه الثقافة فى بناء الإنسان. وحول مايمكن أن يعزز العلاقة بين العمل الثقافى والتنمية ، ذلك أن الثقافة يمكن أن تكون داعمة للتنمية بقدر كون الثقافة محصلة لكل الجهود التنموية الناجحة.
وانتهز هذه الفرصة كى أشير إلى أننا نمضى قدما – داخل وزارة الثقافة كفريق عمل متكامل – نحو بذل أقصى جهد فى سبيل بناء الانسان كجوهر لمشروع ثقافى متكامل. حيث تتكاتف كل الجهود وتوظف كل الطاقات والإمكانيات بين كافة القطاعات والهيئات فى سبيل بناء منظومة مشتركة من القيم الايجابية التى تعكس غايتنا فى التقدم والتضامن الاجتماعى ، وهناك عمل ثقافى دؤوب فى مكافحة التطرف الفكرى بكل صوره ، ونبذل أقصى جهد ممكن فى سبيل الحفاظ على التراث الثقافى المشترك وتعزيزه ، ونعمل على تحقيق العدالة الثقافية بين كافة المواطنين بما يتجاوز حدود النوع واللون والعرق والعمر والغنى والفقر والمكان والقدرات الذهنية والجسدية.”

عقب هذا أشارت الدكتورة إيناس عبد الدايم إلى أن بناء الإنسان الجديد يدفعنا إلى العمل الدؤوب نحو الانفتاح على الثقافات الأخرى، وبذل أقصى جهد فى اكتشاف ثروتنا البشرية من الموهوبين والنابغين والمبدعين ورعايتهم وإعطائهم الأمل فى الحياة لكى يقومو بدورهم الرائد فى تعزيز الريادة الثقافية.

ثم واصلت كلمتها قائلة: “لكى تشكل الثقافة قيمة مضافة فى الاقتصاد و التنمية المستدامة فإننا لاندخر جهدا فى سبيل تنمية وتدعيم  الصناعات الثقافية للنهوض بحركة النشر والموسيقى والسينما والمسرح والفنون التشكيلية والصناعات التراثية ، والى جانب ذلك نعمل على تطوير وتحديث مؤسساتنا الثقافية لكى تواكب العصر وتكون قادرة على تحقيق غايتنا فى بناء الانسان وتحقيق التنمية الثقافية المستدامة، ومع كل ذلك فإن المناقشات والحوارات الفكرية الجادة حول التنمية الثقافية وبناء الإنسان أصبحت مطلبا مهما فى تعزيز العلاقة بين المثقفين والمؤسسات الثقافية ، كما أن تلك الحوارات أصبحت تتجاوز حدودنا القومية . ولاشك أن وجود عدد كبير من الاشقاء العرب والأفارقة فى هذا المؤتمر يمكن أن يوفر فرصة حقيقية لتبادل الخبرات والفكر والتجارب الناجحة فى بناء السياسات الثقافية ودعم منظومة اتخاز القرار فى العمل الثقافى، ومن شأن ذلك أن يساهم فى بناء فهم مشترك لواقعنا الثقافى العربى والأفريقى بكافة أبعاده وتحدياته وامكانياته، وأن يساهم أيضا فى اكتشاف سبل جديدة لتحقيق حياة جيدة وكريمة لشعوبنا.”
ثم اختتمت كلمتها قائلة: “السيدات والسادة الحضور مرحبا بكم جميعا فى دار الأوبرا المصرية وفى المجلس الأعلى للثقافة وأتمنى لكم جميعا التوفيق والسداد فى مؤتمركم هذا. ونتطلع أن يثمر هذا النقاش والحوار الفكرى أوراقا بحثية جادة ومتميزة ، ومقترحات وتوصيات خلاقة قابلة للتطبيق فى إطار الدور الجديد للمجلس الأعلى للثقافة فى العمل على تطوير ومتابعة السياسات الثقافية. وتمنياتى لكل الأشقاء العرب والأفارقة ضيوف مصر الكرام بإقامة طيبة فى القاهرة، وشكرا لكم جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

ثم جاءت كلمة الباحثين المشاركين التى ألقاها الدكتور على أحمد بزى، السياسى اللبنانى البارز، الذى بدأ حديثه معربًا عن شكره لجمهورية مصر العربية شعبًا وحكومة متمثلة فى وزارة الثقافة لتنظيم مثل هذه الفاعليات المهمة التى ترسخ لقراءات جيدة ومتعددة للثقافات الشعبية؛ بشكل معاصر مما يخدم الإنسان العربى والإنسانية جمعاء، ثم تابع كلمته مشيرًا إلى أهمية العلم والمعرفة اللتان حملتهما الحشود المشاركة فى هذا المؤتمر القيّم، التى تمثل معظم البلدان العربية الشقيقة، فبالعلم والمعرفة نقوى ونتحرر من الجهل، وتابع مؤكدًا أن للأرض ثقافتين ألا وهما المعرفة والتطرف، ولأسف قد وقعت الكثير من المجتمعات بالمنطقة ضحية لهذا التطرف المُكبل للأنسان، والذى يضع حدودًا تفصله عن الآخر، لذا فإن المعرفة تأتى بدورها لتمحى تلك الحدود والآفات؛ إذًا فالحل فى المعرفة والإنفتاح، كما أن مثل هذا المؤتمر هو ما يُفسح المجال للرؤى المتعددة ووجهات النظر المتتطابقة والمختلفة، وتعطى السبيل للتطور والحراك البناء، وفى مختتم كلمته تمنى النجاح للمؤتمر، بما سيعم بالخير على الإنسان، وبطبيعة الحال على الجميع كافة.

عقب هذا جاءت الجلسة الأولى التى أُلحقت بالكلمات الافتتاحية، وتحدث خلالها الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية السابق، التى تحدث خلالها عن هذا المؤتمر الدولى، مشيرًا إلى أنه قد جاء فى حينه لوضع استراتيجية للعمل الثقافى البناء، والتنمية الثقافية أيضًا؛ كونه يأتى وسط هذا الصراع المحتدم الدائر بين تلك النماذج الجديدة، ويتناول طرق تعاملها مع الهيمنة الغربية، وهو ما يستوجب نظرة ثقافية جديدة؛ فهى أمر أساسى للخروج من تلك الأزمة، وأشار الدكتور إسماعيل سراج الدين إلى أربع قضايا يجب التركيز عليها، ومنها: قضية الإنسان والهُوية والمشاركة وبناء الثقافة، وقضية التنمية الثقافية فى إطار الثورة المعرفية الجديدة، وقضية حرية التعبير التى اعتبرها بمثابة حجر الأساس لأى عمل سياسى أو ثقافى، ويضاف إلى ذلك القضية الرابعة وتدور حول بناء الإنسان، الذى يبدأ من الأسرة والمدرسة مع ضرورة وجود سياق اجتماعى ذو منظومة أخلاقية واجتماعية، ثم أكد على ضرورة وجود تغييرات جِذرية فى العملية التعليمية، وعن الهُوية التى أكد أنها تمثل عنصر متعدد المكونات مثل النوع والوضع العائلى والمجموعة العرقية والديانة واللغة والمنهج الفكرى والتخصص المهنى، وما إلى ذلك من سائر العناصر المساعدة فى تكوين الهُوية التى تعد أساس تعامل الإنسان مع نفسه والآخرين، كما شدد على ضرورة الإنتماء إلى روافض متعددة لهُويتنا، وعلى رأسها إرث القدماء المصريين، وإرث الثقافة القبطية والعربية، وإرث البعد الأفريقى، فلا يمكن بعد ذلك أن نختذل الهُوية فى عنصرٍ واحد؛ فالمجتمعات جميعها ذات هُويات متعددة، لذا نجدها تبحث عن مناخ ثقافى يلائمها، فلا معنى لدور الإنسان دون المشاركة؛ حيث أن الاستقلال لا يجدى نفعًا بدون التشارك مع الآخرين، كما هو الحال فى مثل تلك المؤتمرات والفاعليات التنويرية المهمة.

اترك رد

%d