فى ذكرى حرب أكتوبر: سارتر بين الصهيونية والحق الفلسطيني

 سارتر

في الذكري السنوية الثالثة والأربعين على انتصار حرب أكتوبر، إحدي المحطات الرئيسية والهامة فى الصراع العربي الصهيوني، تستعيد القاهرة حالة الجدل الفكرى مجددا بمناقشة كتاب حجب عن العربية لمدة تزيد عن السبعين عاما، لمؤلفه الفيلسوف الفرنسي الشهير جان بول سارتر بعنوان “تأملات فى المسألة اليهودية”.

 حيث يستضيف مركز يافا للدراسات الخميس القادم 6أكتوبر الساعة السادسة ندوة حول الكتاب وما يثيره من جدل فى المشهد العربي بعد ترجمته للمرة الأولى هذا العام على يد د.حاتم الجوهري، الذى يقف فى مواجهة أطروحة سارتر الداعمة للصهيونية، بدراسة نقدية تستند للمصادر الإنجليزية والعربية والعبرية سبق بها ترجمته، يفند فيها أطروحة سارتر في الكتاب بعنوان: “سارتر بين الصهيونية وسلب الحق الوجودي للفلسطينيين”.

ويشارك فى النقاش الكاتب والمؤرخ الفلسطيني المعروف أ.عبد القادر ياسين، ود.ساهر رافع المتخصص فى فلسفة الأديان، ويدير اللقاء د.رفعت سيد أحمد، بحضور لفيف من المهتمين بالصراع العربي الصهيوني.

وكان سارتر قد ألف الكتاب إبان نهاية الحرب العالمية الثانية، دفاعا عن حق اليهود الفرنسيين داخل المجتمع الفرنسي وعودتهم إليه بعد الحرب، لكنه وضع أسسا فلسفية لمقاربة المسألة اليهودية فى أوربا بأكملها، وخرج منها بنتيجة تقدم الصهيونية واحتلال فلسطين كحل عادل تعميمي لأزمة اليهود التاريخية من جهة، ولأزمة الوجود اليهودي فى أوربا من جهة أخري الذى تسبب فى صدامات متكررة ما بين الجماعات اليهودية والشعوب الأوربية!

وقدر صدر الكتاب عن دار روافد بالقاهرة فى معرض القاهرة الدولى هذا العام 2016، وحقق دويا هائلا وصدمة هائلة أيضا بما سببه من أزمة لمريدين سارتر ومحبيه، ولكن أهميته تكمن فى كشفه عن فكرة مهمة فى سياق فهم العقلية الأوربية والمبررات التى دفعتها لدعم الصهيونية وخلطها بين المسألة اليهودية على أرضها وبين الحل الصهيوني على أرض العرب.

ويبقى الجدل دائرا بين سارتر مؤلف الكتاب، وبين مترجم الكتاب الجوهري الذى قدم أطروحة فلسفية مضادة للرد على سارتر؛ تستند فى المسألة اليهودية لأزمة الشعب المتعالى (الترانسندنتالي) والذى يملك تصورا جاهزا لشكل علاقته مع العالم والآخرين، وتستند فى المسألة الصهيونية لغياب العدل الوجودي وإسقاط سارتر لحق الفلسطينيين فى الحرية الوجودية التي سلبها منهم الوجود الصهيوني، خاصة وأن سارتر فى مقاربته الفلسفية لتحرر يهود أوربا من خلال الصهيونية، تبني أفكار “هيجل” عن اعتماد العنف كوسيلة لتغيير طبيعة الشخصية المضطهدة فى مواجهة العالم، أو صراع العبد والسيد الذى دعم فيه سارتر ضمنيا وأحيانا تصريحا كما بينت الدراسة العنف والإرهاب الصهيوني كوسيلة لتحرر وإعادة خلق الشخصية اليهودية.

واستند د.الجوهرى فى دراسته للمصادر الإنجليزية والعبرية بالإضافة لمتن الكتاب والمصادر العربية، ليكشف التناقض والمعضلة التي وقع فيها سارتر ويكشف أزمة الحضارة الغربية الحديثة فى تعاملها مع الآخر العربي واليهودي وإلقاء كل منهما فى وجه الآخر، لتتخلص من أزمتها مع الوجود اليهودي على أرضها!  ومفارقة أن يكون ذلك على يد واحد من أبرز دعاة الحرية وفلاسفة الوجود الحر والعدل الإنساني فى القرن العشرين.

اترك رد

%d