محسن العلي يطرح رؤيته في تجديد الخطاب الثقافي العربي بالمجلس الأعلى للثقافة

م

كتب: عبدالناصر الدشناوى

في إطار فعاليات تجديد الخطاب الثقافي التي تبنتها وزارة الثقافه المصرية والتي بدأت فعالياتها بالمجلس الاعلي للثقافه بدار الاوبرا المصريه قدم المخرج و الفنان القدير د . محسن العلي ورقته البحثيه وتوصياته التي اعتمدت علي قراءة الواقع الثقافي العربي ومواطن وهنها وضعفها مشيرا الي عدد من التوصيات الهامه التي رصدها لتجاوز الازمه الحقيقيه التي تعيشها الثقافه العربيه بحضور نخبه من نجوم الفن والفكر ورموز الإبداع خلال الفعاليه التي أدارها المخرج الكبير خالد يوسف وشارك فيها برؤيته وتوصياته كلا من المخرج والفنان القدير جلال الشرقاوي والفنان احمد السيد والكاتبه رشا يحيي , والكاتبه هبه الهواري وجاءت الورقه البحثيه التي قدمها “العلي “للحضور بعنوان “الفن ودوره في تجديد الخطاب الثقافي في المجتمع”

والتي أكد خلالها قائلا : تُعتبَرُ الفُنونُ الجَميلةُ بكافَّةِ أشكالِها وأصنافِها وطبيعتِها ، نِتاجاً ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً راقياً يُعَبِّرُ عنِ الواقعِ ، ويتجاوَزُهُ إلى الأفضلِ ، بِفِعْلِ تأمُلِ وفِكْرِ وجَهدِ وتجربةِ الإنسان , وظروفِ بيئتهِ المحيطةِ بهِ والتي وجدَها على الطبيعةِ ، أو تلكَ التي ساهمَ هو في إنشائِها أو تطويرِها ، منْ خلالِ التفاعلِ الحياتيِّ اليوميِّ بينَهُ وبينَ العالمِ عبْرَ التجربةِ الإنسانيةِ المعقدةِ منذ أوَّلِ التاريخِ حتى يومِنا هذا .. نكادُ نقولُ إنَّ الفنَّ هو الإبنُ الشرعيُّ للثقافةِ بِتعدديَتِهِ واتجاهاتِهِ الإنسانيةِ .. وما يحمِلُهُ بأقسامهِ وألوانهِ منفردةً ومجتمعةً .. وطرح العُلى الكثير من التساؤلات حول مفاهيمُ الفنِّ المتعدِد ما هو الفن ؟ .. وما أطلقَ عليهِ منْ تسميات ؟ الفنُّ .. هو الحياةُ في كلِّ أشكالِها المتعددةِ .. الفن .. ضرورةٌ لحياةِ الإنسانِ كما قال أرنست فيشر .. وهناكَ منْ يذهبُ الى أنهُ الجانبُ الحسيُّ في الوعيِ للنشاطِ الإنسانيِّ في المجتمع .. وهو نتاجُ احتياجاتِ الإنسانِ للجمالياتِ في الحياةِ ..الجمالياتُ التي تتحولُ إلى ضروراتٍ حيويةٍ كلما ازدادَ التفاعلُ ما بين الطبيعةِ والأنسان ِلخلقِ الثقافةِ المستمرة ِ. الفنُّ إذنْ هو في الآخِرِ نتاجٌّ ثقافيٌّ بكافةِ أشكالهِ .. الفنونُ التشكيليةُ مثلاً بأشكالِها الإبداعيةِ مُكْتَشِفَةً الجمالَ في الطبيعةِ , ومُستعيرةً إيّاهُ لبناءِ جمالياتِ اللوحةِ , كيْ تُنَشِّطَ الإدراكَ البشريَّ وتبعثَ على التأمُلِ في البحثِ عن البناءِ الجوهريِّ لماهيَّةِ الأشياءِ وإنطلاقتِها .. كذلك المسرحُ تكوينٌ مستمرٌ لتجاربِ الانسانِ ومصيرِهِ , وكذلكَ الموسيقى والرقصُ لغةُ الشعوبِ قاطبةً والتي لا تحتاجُ إلى تَرجمانٍ سوى نبضاتِ الرّوح .. حتى جاءتْ السينما العصريةُ لترسُمَ الصورةَ المدهشةَ في لغةٍ متحركةٍ صامتة ٍ وناطقةٍ تعبِّرُ عنْ بانوراما إنسانيةٍ ابداعيةٍ كما في المسرحِ في رسمِ الصورةِ مستعيضةً عن الحوارِ في بعضِ الأحيان وبديلهِ عنهُ في أحيانٍ أخرى مُتحولةً إلى نصٍ أدبيٍّ وثقافيٍّ .. وقد أنتجَ الفنُّ أيضاً نشاطا ثقافيا هو النقدُ الفنيُّ شمِلَ الدراساتِ والبحوثِ للأعمالِ والنتاجاتِ الفنيةِ في إطارِ حركةٍ جديدةٍ هي تعدديةُ التخصصاتِ في النقدِ منْ مجاميعَ ثقافيةٍ اهتمَّتْ وتخصصتْ في هذا الجانبِ لمختلفِ الفنونِ وأصبحَ التأثيرُ تقويميٌّ وتنافسيٌّ ..ويقومُ هذا النقدُ بتقويمِ الجهدِ الابداعيِّ وما اذا كان يعبرُ عنِ الخطابِ الانسانيِّ الجديدِ المتجددِ دائما , أمْ انهُ يعبِّر عن القِيَمِ الماضيةِ البائدةِ المتخلفةِ . وفي تساؤله هل نحنُ واعونَ إلى خطورةِ ما نملكُ من قدراتٍ ثقافيةً تخدمُ مجتمعاتِنا باحثا عن إيجاد ايجابيات تضيف إلى إنجازاتِ حضارتِنا التي امتلكتْ زمامَ المبادرةِ التاريخيةِ ، بعيداً عن كلِّ أشكالِ التعصبِ والطائفيةِ والعنصريةِ والفرقةِ والتخلفِ والإرهابِ .. مشيرا ان ما تهدف إليه مداخلته هو أن يخرجَ بتوصياتٍ حقيقيةً قابلةً للتنفيذ ِ، بمساندةٍ منَ الهيئاتِ الرسميةِ والشعبيةِ وهيئاتِ المجتمعِ المدني وكذلك من إداراتِ جامعة الدول العربية ..ومحذرا إن لم ننتبهْ إلى ضرورةِ تجديدِ الخطابِ الإعلامي والثقافي .. سنشهدُ مستقبلاً ينحدِرُ صوبَ مجتمعاتٍ مقفلةٍ ونحو هُوياتٍ فرعيةٍ ..وستنشأ أفكارٌ ومعتقداتٌ تأخذُ الدينَ غلافاً لها .. وترسمُ للشبابِ مساراتٍ واجتهاداتٍ خاطئةٍ .. وتصادرُ حركةُ شعبنا وأمتنا , وتُشَرْعِنُ وحدَها اهدافَ حركةِ أجيالنا القادمة .. و علينا أولا تحديدُ مواقعِ الخطابِ الثقافي القديم , وخصوصا في منتجنا الفنيِّ العام , وإلى أيةِ هاويةٍ ينزلقُ بِنا إليْها , وما هي الأولوياتُ التي ينبغي أن نعيدَ مناقشتنا لها مرةً بعد مرةٍ حتى نصلَ إلى المنهجِ الفني القويم الذي يخدم ثقافةَ المستقبل . إن من الواضحِ جدا تراجعَ الثقافةِ في المشهدِ العام للبلدان العربية , وإنَّ غيابَ المثقفينَ واضحٌ في صياغةِ أهدافِ المستقبل , وإن الثقافةَ والفنَ في أكثر الأحيان لا يغدو ان يكونَ لافتاتٍ اعلانيةٍ وإن دعمَ الثقافةِ لا يجبُ أن تكون عبرَ قراراتٍ فرديةٍ وتكريميةٍ واستعراضيةٍ , ولا ندواتٍ عابرةٍ , بل هو البحثُ عن أسباب غيابِ الفنانين والمثقفين عن دورهم الريادي في قيادةِ المجتمع , وفي غيابِ المنجزِ الفني الحقيقي الذي يغير من صورةِ الحاضر ِإلى صورةٍ مستقبليةٍ نابضةٍ بالحياةِ والتطورِ وإلغاءِ كل مظاهرِ التخلفِ والركود . علينا أن نخلقَ عصراً عربيا جديداً هو عصرُ إعادةِ التأهيلِ الثقافي والفني في المجتمعِ وإعادةِ الأملِ في نمو الإبداع والإكتشافِ عندما يتمُّ تسخيرَ الوسائلِ الإعلاميةِ للثقافةِ وإصدارِ التشريعاتِ لحمايةِ المثقفِ ورصدِ خطوطِ الدعم ِلترتقيَ الثقافةُ ويرتقي الفنُّ وتتغيرُ الذائقةُ الجمعيةُ عندما يتذوقُ المجتمعُ بكل أطيافهِ الفنَّ وألوانَه

اترك رد

%d