الجلسة الأولي للملتقى الدولى لتجديد الخطاب الثقافى،الصناعات الثقافية الإبداعية و اصلاح الثقافة بوابة لإصلاح المجتمع

13308569_278659609145548_2373723049618359199_o

كتب : عبدالناصر الدشناوى

بدأت الجلسة بكلمة د. جابر عصفور قائلا : إذا أردنا تجديد الخطاب الثقافي، فهناك أربعة تحديات لابد من تجاوزها، وهى الاستبداد و الحرية، وهى بعيدة بشكل كبير عن عالمنا العربي الآن، والفقر ولا يخفي أن ٤٠%من السكان في مصر يعيشون تحت خط الفقر ، والتعليم الذي لا يتمتع بالجودة أو شىء إيجابي.

وأضاف عصفور أن التعليم هو المفتاح السحري للتقدم ويجب علي الدولة أن تدرك هذا فلا تنمية حقيقية بغير تعليم جاد هادف.

 وأكد عصفور علي أن مشكلة الشباب الآن هي عدم وجود مثل أعلي له، مشيرا أن مثله الأعلي كان طه حسين وأن وجود مثل اعلي لدي الشباب أمرا غاية في الاهمية بل والإيجابية، وعن التحدي الرابع والذي وصفه عصفور بالكارثة وهو الخطاب الديني مضيفا: أن هذا التحدي بشكل خاص لابد أن يكون في المرتبة الأولي.

ووصف عصفور الخطاب الثقافي وشكله ومضمونه الآن وكأنه (يسير إلي الأمام وعيناه في قفاه)، مشيدا بوجود بعض المشايخ والعلماء الذين يملكون عقولا مستنيرة لا بد أن يُستفاد منهم في تلك الفترة شديدة الخصوصية.

واختتم عصفور كلمته بضرورة وضع إستراتيجية شاملة لتجديد الخطاب الثقافي تبدأ بحل تلك التحديات الأربع وبادراك قيمة الثقافة كقوة ناعمة يجب أن نحافظ عليها من التآكل، الذي إن وصل إليها فلا فائدة في تنمية أو تقدم فهي سلاح لا يستهان به .

وتحدث د. شاكر عبد الحميد فى بحثه عن” الصناعات الثقافية الإبداعية”، وأوضح أن مفهوم الصناعة لا يتعارض مع فكرة الثقافة وضرورتها قائلا: الصناعات الثقافية والإبداعية هي أحد المحركات الكبرى للاقتصاد في الدول المتقدمة والنامية، وهو من أسرع قطاعات الاقتصاد نموًا في العالم، وهو قطاع يؤثر على زيادة الداخل وخلق الوظائف وجلب المكاسب، ويمكن أن نحقق مستغلاً أفضل لعديد من الأقطار عبر العالم، وأن نطلق ونحرر اللامكانات الخاصة بالصناعات الثقافية والإبداعية يعني أيضًا تشجيع الإبداع الكلي الخاص بالمجتمعات، ويؤكد كذلك على الهويات المتمايزة للأماكن التي تزدهر فيها، وتحسن نوعية الحياة وتوفر الموارد المطلوبة للحاضر والمستقبل هكذا فإنه بالإضافة إلى فوائدها الاقتصادية، توفر الصناعات الثقافية الإبداعية أو تؤكد قيمًا غير مالية الطابع تسهم بدورها التنمية الشاملة والمستدامة التي تقوم على أساس الأفراد والشعوب ونحن في حاجة للسياسات العامة التي تدعم الأشكال المتنوعة من الإبداع الموجودة في قلب قطاعات الصناعات الثقافية والإبداعية.

وتطرق لغياب الخرائط الثقافية وأننا نعانى من غيابها، برغم أهميتها، وأكد أن ثقافتنا تنحاز إلى اللغة بقدر كبير وتبتعد عن العلم وأشار إلى تيودور أدورنو الذى كان من أوائل من اهتم بموضوع الصناعات الثقافية الاجتماعية.

وعن مصطلح الإبداع نفسه وتعريفه أكد أن الإبداع ما هو إلا إنتاج جديد مفيد، وأن أول من أطلق المصطلح على الصناعات الثقافية هو ماكس هوركهايمر أول من حل هذا المصطلح عام 1947، وأوضح أن الصناعات الثقافية لا تعنى فقط الحرف التقليدية كما هو مشاع لدينا ولكنها تشمل الكثير ومنها الصورة والسينما والرقمنة.

واختتم د. شاكر حديثه بعدد من الإحصائيات والبيانات عن الدول التى تهتم بالصناعات الثقافية كالهند وتايلاند وأندونيسيا.

أما الكاتب الجزائرى واسينى الأعرج فقد تطرق فى بحثه لتجديد الخطاب الروائى لمأزق التخييل، وربط ما بينه وبين مواجهة التطرف قائلا: تداخلت الرواية مع الحاجة إلى فن جديد يقول ليس فقط الاحتياجات الاجتماعية، لكنه يقول أيضًا الفن في ارتباطاته الثقافية الواسعة والمتعددة، وأمام الرواية العربية ورشات كثيرة عليها أن تفتحها بجرأة : أولاً الإنسان كرهان في أي تحول، تم طمسه اجتماعيًا ونزعت عنه مواطنته وأصبح مجرد رعية في أرضه. الرواية التي بنيت على الإنسان هل يمكنها أن تصالح البشر مع أنفسهم؟ ثانيًا التاريخ لا بوصفه إعادة إنتاج لخطاب رسمي متهالك، ولكن بوصفه ممارسة تم تسخيرها لأغراض خاصة بالأفراد والمجموعات. كيف تعيد الرواية ترتيب التاريخ تخييليًا، في تماس ضروري مع مادة الحياة. كيفية تحويله إلى مادة إنسانية كاشفة أدبيًا لكل الخيبات التي عاشتها الأرض العربية. ثالثًا تحرير المتخيل. التخييل أهم شكل من أشكال التجديد والمقاومة. الديكتاتوريات تخاف من التخييل لأنه دليل على حرية الإنسان أولاً وأخيرًا. رابعًا هز يقين الخطاب الذي نشأ في الحاضنة القومية التي تتمزق اليوم، وكبر فيها. هذا النوع من الفكر وصل إلى سقفه وأصبح مجرد خطاب أجوف، ولكي يتجدد يحتاج إلى نقد ذاتي عميق وتستطيع الرواية أن تهضم ذلك كله وتحوله إلى مادة أدبية نشأت في الحاضنة القومية كيف تواجه وضعًا تمزقيًا شديد القسوة، حيث الإنسان صانع الأحداث والمشكل لمركز الرواية انسحب وأشبع جزءًا عامًا من المشهد. خامسًا، تضعنا الرواية العربية اليوم في خطاباتها الكثيرة أمام معضلة أخلاقية كبيرة. كيف يتصرف الأديب في ظل أوضاع الحروب الأهلية الصعبة حيث تنغلق الرؤى، وما هي الخطابات التي ينتجها؟ هل هي جديدة أم خطابات متهالكة تنم عن قصور واضح وذاتية مفرطة؟ القراءة البسيطة للمنتج الروائي في السنوات الأخيرة تدفعنا إلى القول إنه محكوم في عمومه بنظامين، إما الاستكانة إلى خطاب غير متماسك، أساسياته لم تعد موجودة، وأن المجتمع في حركية جديدة تحتم تغيير الرؤى، أو السقوط في سوداوية الإنسان العادي.

وأكد أن الرواية ليست مجرد خزان للتحدي لكنها بنية شديدة التعقيد، فهي من أكثر الفنون إصغاء للتوترات العميقة التي تحكم المجتمعات. هذه التوترات ليست إلا مادة خامًا، تحتاج إلى قراءة حقيقية وعميقة. وهو ما يجعل الكتابات تختلف ليس بمعنى الجيلية لأن هذه الأخيرة مجرد اصطناع وقناع لا وجود فيه للأجيال. وأشار إلى أن كاتب مثل نجيب محفوظ ما يزال إلى اليوم يضعنا وجهًا لوجه أمام أنفسنا ومآسينا. وقل ما نجد كاتبًا وصل إلى ما وصل إليه محفوظ.. الخطاب الروائي الجديد لكى يصل إلى قرائه والمؤمنين به، يحتاج إلى تطوير حقيقي ومستمر، ويحسس القارئ بأنه معني بما يقوله لأنه جزء منه.

وعن الإصلاح للثقافة كبوابة مهمة من المجتمع تحدثت الكاتبة المغربية وفاء صندى “رئيسة جمعية اعتدال و مناهضة الإرهاب بالمغرب”، مشيرة إلى المشاكل التى تواجه ثقافتنا العربية ومنها الفجوة ما بين المواطن والمثقف، وغياب الحوار، وتضخييم الذات، وغياب العلم ، والانعزال فى الماضى.

وأشارت لنكسة 1967 وكيف كانت سببا فى ذلك الغياب، وأيضا تناولت مأزق الثقافة العربية بعد الربيع العربي قائلة: طرأت في السنوات القليلة الماضية تحولات كبيرة أفرزت مجموعة جديدة من الرهانات والتحديات تصب جميعها في ضرورة وجود مجتمعات واعية، مسئولة وقادرة على تحقيق توازن يحمي الإنسان والأوطان على حد سواء.

وخلق مجتمعات متوازنة سلوكًا وفكرًا ، مؤكدة أن إصلاح الثقافة أو تجديد الخطاب الثقافي، إذا جاز التعبير، يمثل الضمانة الحقيقية لنجاح مشروعات الإصلاح كافة التي تحتاجها أوطاننا اليوم.

وفى نهاية الجلسة الأولى قام الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة و د. أمل الصبان بتفقد معرض الكتاب المقام أمام مقر المجلس، بالإضافة لمعرض الأصالة والمعاصرة ببهو المجلس للقوميسير الدكتورة سهير عثمان، الذى يتضمن نماذج من الصناعات الثقافية . 

اترك رد

%d