كتب : المحرر الثقافي
تشهد القاهرة عاصمة الثقافة العربية التاريخية يوم الثلاثاء المقبل حدثا مهما؛ لمناقشة مشروع علمي وتطبيقي في مقر جماعة الكتاب والفنانين- أتيليه القاهرة، يوم الثلاثاء المقبل في تمام الساعة السابعة، حيث تناقش اللجنة الثقافية بالأتيلية كتاب: “مدرسة الدراسات الثقافية العربية المقارنة” لمؤلفه الباحث والأكاديمي المصري المعروف الدكتور حاتم الجوهري، والصادر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر مؤخرا، وفي حوالي 340 صفحة من القطع الكبير.
يناقش الكتاب كل من الناقد الدكتور شريف الجيار، أستاذ النقد الأدبي بجامعة بني سويف، والدكتور سامي سليمان، أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة القاهرة، ويدير اللقاء الشاعر والكاتب الصحفي حزين عمر.
يحمل الكتاب عنوانا فرعيا دالا على السردية الثقافية الجديدة التي يحملها مشروعه وهو” مشروع المشترك الثقافي العربي نموذجا تطبيقيا”، والذي ضفرت فعالياته ضمن ملاحق الدراسة المنشورة بالكتاب؛ بوصف المشروع هو التجربة التطبيقية التي بحث الكتاب من خلالها عن أول الطريق لسردية عربية ثقافية كبرى غائبة ولكن ممكنة ومحتملة؛ تترسخ بأقدام ثابتة على مدى حوالي خمسة أعوام ، حيث قدم المشروع منذ طُرح المؤلف فكرته عبر السنوات الخمس تلك عدة فعاليات دولية عربية حققت صدى واسعا، شارك فيها أكثر من 150 باحثا من كافة الدول العربية ،والعشرات من الفعاليات العلمية والثقافية والإعلامية.
تقوم “مدرسة الدراسات الثقافية العربية المقارنة” على المستوى النظري والإطار العلمي الذي يطرحه الكتاب؛ على أعمدة عدة موزعة في أبوابه وفصوله؛ تشمل فلسفة عامة ورئيسة عن “التمفصل الثقافي” ذاته، تجاوزا ونقيضا لفلسفة “التبعية الثقافية” والمركزية الأوربية في تمثلاتها المتنوعة في القرن الـ20 أو إعادة إنتاجها مجددا في القرن الـ21، وتتضمن هذه الفلسفة العامة بنية نظرية داعمة لها تقوم على سياسة ثقافية جديدة تجاه الموروث أو التراث الثقافي العربي غير المادي، وهي سياسة “إعادة التوظيف” الموضوعي، متعاضدة أيضا مع فلسفتين فرعيتين مركزيتين، الأولى: “فلسفة المشترك الثقافي” وتحويل المكون الثقافي إلى منصة حاملة ورافعة للذات العربية في الجغرافيا الثقافية، تمهد لما هو تعاون اقتصادي، ثم مستقبلا إلى ما هو تنسيق سياسي يقوم على المصالح المشتركة ومحددات “مستودع الهوية” العربي، وطبقاته المتعايشة والمتنوعة عبر تاريخها الطويل، والثانية: فلسفة “استعادة المتون وتفكيك التناقضات” وأن حقوق الثقافات الفرعية والأقليات في العالم العربي لم تكن أبدا في مواجهة مع متن عربي رسمي قوي وحاضن لها، مع العمل لتفكيك التناقضات التي تم خلقها والترويج المفرط لها في المشهد العربي، إضافة إلى قراءة نقدية يطرحها الكتاب لـ”مدرسة الدراسات الثقافية العربية المقارنة” تجاه الدرس الثقافي الغربي ونشأته في بريطانيا، تتضمن نقد مذهبه الرمزي في الانتصار للهوامش ويأسه من المتون الرسمية وسردياتها الكبرى، وانتقال هذا المذهب للدرس الثقافي العربي تقليدا و”تبعيةً ثقافيةَ”.
كما تقدم الدراسة نسقا مفاهيميا/ خطابا جديدا ينبع من تصورها المعرفي؛ يبدأ هذه النسق المفاهيمي وخطابه من: مجال “الدراسات الثقافية العربية المقارنة” ومدرسته، ويتواصل إلى مشروع “المشترك الثقافي العربي”، ومنهج “الدرس الثقافي القيمي/ الحر”، وفلسفة “التمفصل الثقافي”، مرورا بـ”إعادة توظيف التراث”، و”فلسفة المشترك الثقافي”، و”فلسفة استعادة المتون”، ومفهوم “الذات العربية المختارة” بوصف هذه “الذات” بنية ثقافية يتم اختيارها طواعية بالأساس من شعوب الحضارات المتنوعة بالمنطقة، تتصالح مع طبقات حضارية أعمق لدى بلدان المنطقة العربية الإسلامية، تتجاوز المفهوم الاستقطابي الضيق وتحتوي التنوع غير الإسلامي، مع الحق في وجود متن عربي إسلامي رسمي وقوي حاضن لكل مكوناته ومجموع أجزائه. ومفهوم “مستودع الهوية” باعتبار أن الذات الإنسانية/ العربية تأتي محمولة على “مستودع” متراكم من الطبقات الثقافية والحضارية، ويجب الوعي بإدارة علاقات هذا المستودع التاريخية والراهنة وتصالحها وتعايشها سويا.ومفهوم “المسألة الأوربية” ومتلازاماتها الثقافية، بمعنى التمثلات الثقافية التي قدمت التصورات المعرفية والعقل الأوربي المركزي ومتونه الحاملة بصفته النموذج المطلق والنهائي للبشر، الذي يرفض التجاور أو التداول أو التحاورأو التنوع الإنساني على عكس الشائع والمروج له، وانطلاقا من أن المسألة الأوربية ومتلازماتها في القرن العشرين قدمت نفسها في تمثلات ثلاثة أو ثلاثة سرديات كبرى متنافسة (الماركسية الشمولية غير الطبقية- الليبرالية الشمولية الطبقية [وشمولية الليبرالية هنا بمعنى المتون الرسمية الرئيسة وليست تباينات الهوامش وحضورها الرمزي]- الاشتراكية القومية الفاشية العنصرية أو النازية).