عماد فتحي يكتب ” ثقافة الثورة أم ثورة الثقافة ”

عماد

منذ قيام ثورة 25 يناير وهناك سؤال يدور فى ذهنى، وعلنى لا أبالغ أن قلت أن هذا السؤال أصبح فى الأونة الأخيرة يؤرقنى بشكل دائم لما ألمسه من أجوبة متناقضة ممثلة فى سلوك هذا الشعب، والسؤال هو هل يحتاج الشعب المصرى لما نسمية بثقافة الثورة؟ أم يحتاج إلى ثورة الثقافة؟ وهذا السؤال بشطرية له معانى كثيرة نحتاج إلى من يصوغ إجابتها بشكل يمكّن أفراد هذا الشعب من استيعابها سواء الفرد المثقف أو الفرد العادى، وقد قصدت استخدام لفظ الفرد وليس المواطن لما لمسته من معنى فيه يدل على حال المواطن المصرى فى الوضع الراهن، فكل سلوكيات المواطن المصرى الأن تأخذ شكل الفردية ومتجاهلة شكل الجماعة وكأن كل فرد فى هذا الوطن أصبح يعيش على أرضه بمفرده له مطلق الحرية فى التعبير عن رأيه ومحاولة فرضه على الأخرين بشتى الطرق حتى ولو كان خطأ وحتى لو كان يقر هو بذلك بما فيهم أنا حتى لا أضع نفسى فى منزلة المثالية أو أن أسلخ نفسى من الجماعة التى تعيش على أرضه. وما سبق هو بعض ما دفع هذا السؤال إلى أن يؤرقى طوال يومى ومسائى وجعلنى أتسأل بحق لما نحتاج إليه. هل نحتاج إلى ثقافة الثورة وما أفرزتها من إيجابيات متمثلة فى تعلم أفراد هذا الشعب مفردات قيام الثورة بدءً بتحديد أسباب قيامها ومروراً بأحداثها وإنتهاءً بتحقيق الهدف منها وكيفيه المطالبة بحقوقهم وكيفية إلتزامهم بواجبتهم والتواصل مع بعضهم البعض كما شاهدنا فى ميدان التحرير منذ بدايات أيام الثورة وحتى إنتهائها وهو ما يسمى بالديموقراطية السليمة للوصول إلى هدف يمكن تحقيقة لتخطى عقبات تعثّر هذا البلد ووضعه على الطريق الصحيح، أو ما أفرزتها من سلبيات متمثلة فى سلوك الأفراد الغير مدركين لمعنى الثورة وفهمها بالطريقة الخطأ، فمن منا لم يرى ذلك السلوك فيمن حوله أو على الأقل بعض منهم فى كل طوائف هذا البلد، فالفرد المثقف (والمقصود به كل من يمارس أى نشاط بالدولة سواء ثقافى أو سياسيى أو أقتصادى أو تعليمى….ألخ على أساس أكاديمى) يحاول أن يفرض رايه على غيره بأعتباره رسول ثقافته لوطنه، والفرد العادى (والمقصود به كل من ليس له علاقة مباشرة بالوظائف المشار إليها سابقاً) يحاول أن يفرض رأيه بالقوة وهى ما يراه من وجهة نظره حجه قوية لم يقدر على استعمالها للتعبير عن رأيه قبل الثورة وأنه حان الوقت لأسخدامها لأخذ الحق، وبين هذا وذاك نرى الهدف من الثورة التى قمنا بها لتصحيح أوضاع هذا البلد يضيع بلا مقابل ملموس، فالفرد المثقف متمسك بأرآئه والفرد العادى متمسك بقوته وليس هناك تقابل بينهم فى نقطة واحدة. أم نحتاج إلى ثورة الثقافة لتعليم أفراد هذا الشعب معنى الثورة أولاً وكيف يكونون ثواراً راشدين يندمجون مع بعضهم البعض فى نسيج واحد لتحقيق أهداف ثورتهم وأن يستوعبوا معنى الحكمة القائلة “الفرد من أجل وفى خدمة الجماعة والجماعة من أجل وفى خدمة الوطن”، ولتعليمهم أيضاً كيف يضعون مصلحة هذا البلد نصب أعينهم أولاً وكيفية التواصل والتعاون والتلاقى فى نقاط معينة ومحددة لتحقيق أهداف ثورتهم. أما عن وجهة نظرى المتواضعة فأنا أرى أننا نحتاج الأن إلى ثورة الثقافة وليس ثقافة الثورة وذلك لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة عن معنى الثورة وتصحيح ما أفرزته من سلبيات إذا لم يتم تداركها وبسرعة وحزم وقرارات جرئية لن تصل هذه الثورة إلى ما كان منشوداً منها ولسوف نحتاج إلى الكثير من الثورات لتصحيحه، وهو على ما أعتقد ليس فى مصلحة هذا البلد الذى استحق ونال تقدير العالم أجمع منذ آلاف السنين بحضارته وأزداد منذ قيام ثورتيه وحتى الأن.

اترك رد

%d