” يوميات_ما_تهم_أحد ” بقلم وفاء سالم 

العزيز جدًا ،القريب البعيد جدًا جدًا “ميم”
الصديق جدًا، الغريب جدًا جدًا ،المقرب جدًا والجاف جدًا جدًا..
الحبيب جدًا والجلاد جدًا جدًا..
الصغير جدًا والكبير جدًا جدًا “في الغربة”..

إنه مارس/آذار
نفس الشهر الذي عرفنا فيه بعض منذ سنواتٍ سبع، وتعاركت فيه أقدارنا حتى يترآى لي أنا لسنا سوى قطبين متعاكسين، أو قارتين..
مارس الذي كلما مر تذكرت فيه أنك بعيد كل البعد، قريب حد الإلتصاق، إنه شهر التناقضات التي تشبهك، التقلبات التي تمثلك والمفاجآت التي اسميتها أنت..
استمع لعبادي وأصيل واضحك على بصبصة بعض الأغاني لنا ،وأضحك أكثر كلما تذكرت ما نحن عليه..
تركض السنوات عبرك وتُعيدك طفلًا مشاغبًا على مرماها، تمرني فتترك بياضها على شعر رأسي..
وكم صرتُ أخجل مني كلما فردتُ سجادتي ومددت يدي لأدعو لك ،لقد نسيت أن أذكرني في دعواتي وكم هذا ورب البيت قسوة مني علي..

ما نحن
ما نحن كلما اشتهينا البقاء
ما نحن كلما وطئنا البحر
بأقدامنا ؟
ما هو هذا الشعور
اللامتناهي
اللاملموس
اللا معاش
المتطاير بنا..
ما هو هذا الحائر
فينا
المندس بين أضلعنا
والمهتز في أرواحنا
ما هو؟
الذي نصحو عليه
بحثًا عنه
كالحلم يشدنا
يغلق فمه علينا
يعضنا
ما هو؟
..
إنه مارس/آذار
وأتذكر الطاولة المستديرة التي جمعتنا، تتصادم أسفلها أقدامنا وعلى سطحها أطباقنا الباردة ،تتظاهر بتقطيع شريحة اللحم خاصتك وأتظاهر بتقليب قطع الروبيان خاصتي، نلتقي في نظرة مسروقة، نهرب بعيدًا بضحكةٍ متوترة..

إنه مارس/آذار
ولا زال صوتك عالقًا في حبال الوقت الذي طواه عمر مضى والكلمات تتأرجح في آخر قصيدة كتبت، والألوان تبحر على ظهر آخر لوحة رسمت، وبؤبؤ العين يتسع مع كل كلمة تخصك
ومع كل رجفة، دهشة، صدمة، رغبة، دمعة ،سقطة..

العزيز جدًا “ميم”
إنها المرة الآولى التي أكتبك ولا أطلب فيها رقمك، أعنونك ولا أنتظر فيها كلمة منك..
أفض بكارة صمتي معك ولم أنهي بعد رسم صورتك..
إنها المرة الأولى التي أحمل فيها بعضي وأقف صامتة أمامي، أقص فيها شعري دون أن أُخبرك وأطلق العنان لأفكاري ولا أُشاركك فيها، المرة الأولى التي أحتفي بها بي ولا أكتب لك “ليتك هنا”، إنها المرة الأولى لكل شيء تقريباً..
لذبول الحنين ،الإشتياق، الوله في قلبك..
المرة الأولى التي أعترف فيها لنفسي بأن العالم بما تضمنه من حروب ومصائب سكب جفافه، غطرسته ،قسوته ،بشاعته فيك..
وأنساك من أنت، أنساك معنى أن تكتبك أُنثى ،رسمتك وأسلمت لغتها لك..
أنساك نعمة أن تكون نعمة لأحدهم..
أنساك حتى تيبست أوردتك معنى أن تكون أنت..

العزيز جدًا الغريب جداً جداً، البعيد القريب جدًا جدًا
كل عام وانت بخير، كل عام وأنت نعمة على وجه الأرض..
كل عام وقلبك يعي معنى أن تكون حيًا وحولك من يدعو لك..
تشبهني كثيرًا
ولم تشبهني ذاكرتك..
أُريدُ أن أحيا فيك
لأُعيد ترتيب الحكاية فيك
لاُخبرك الحقيقة
حقيقة أنك المنسي منك
وأننا النرجس
الصلوات
والظل..
لكنني أعلم
أن لا موطئ لي فيك
#وفاء_سالم 🦋
#يوميات_ما_تهم_أحد
#رسالة

اترك رد

%d